زوجات الأدباء والفنانين

يعيد شاكر نوري كتابة التاريخ الأدبي والفني من زاوية مختلفة؛ زاوية القلب والعاطفة والحياة اليومية. ففي الصفحات، نلتقي زوجاتٍ وقفن بين العبقرية والمعاناة، بين الأضواء والظلال، حيث كان حضورهنّ يتجاوز دور "المساندة" ليصبح جزءاً أصيلاً من التجربة الإبداعية نفسها، ولا يكتفي بأن يقدّم صوراً جانبية أو لمحات عابرة عن نساء عشن في ظلّ الأدباء والفنانين. 

ويكشف بقراءة عميقة وسرد مشوّق عن قصص تداخل فيها الإبداع مع الحب، والغيرة مع الإلهام، والخيبة مع المجد. بعض الزوجات قدّمن التضحية الصامتة، وبعضهن عشن في صراع دائم مع نزق المبدع، فيما أخريات تركن بصمة خفية أو صريحة في أعماله. ومن خلال هذا التواشج المعقّد، يظهر كيف أن حياة الفنان لا تُقرأ بمعزل عن محيطه الإنساني، وكيف أن خلف كل اسم كبير وجدلٍ إبداعي حكاية إنسانية لم تُروَ بالقدر الكافي.

يطرح الكتاب سؤالاً مُلحًاً: هل كانت عبقرية الأدباء والفنانين ستأخذ شكلاً آخر لولا وجود هؤلاء النساء في حياتهم؟ وهل نحن بصدد قراءة تاريخ نصفه الآخر مخفيّ خلف الأبواب المغلقة للبيوت والقلوب؟⁠

بهذا المنظور، يمثّل الكتاب دعوة لإعادة الاعتبار إلى الأصوات التي غُيّبت طويلًا، وإضاءةً على أن الإبداع لا يولد من فراغ، بل من شبكة معقّدة من العلاقات الإنسانية، في مركزها غالباً امرأة دفعت الثمن بطرق مختلفة.⁠